U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

آدم-01

   

١١- آدم


 

أنظر تفاصيل قصة آدم في كتاب قصة الوجود ٤٣

١- الخليفة في الأرض

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠-٢)

وإذ قال ربك للملائكة ...: لا يعرف من النص القرآني متى بالضبط قال الله ذلك لكن جل الملائكة كانوا موجودين حينها وأيضا كثير من أنواع الجن والإنس الأخرى في مختلف الكواكب كما سيتبين في تتمة تفسير الآية. وفساد بعض هؤلاء قد شهده الملائكة. وبلا شك كانت هذه المرة الأولى والأخيرة التي يخبر الله فيها ملائكته بشيء كهذا ربما لمرتبة آدم وذريته العظيمة في الوجود. بالفعل لقد خلق من قبل أنواعا كثيرة من الجن والإنس في كواكب متعددة دون أن يخبرهم مسبقا بذلك. ولو كان يخبرهم كل مرة لعقبوا حينها على ذلك مرة واحدة ولن يعاودوا الكرة مع خلق آدم.

جاعل في الأرض خليفة: أي زمن خلقه آت لا محالة. ولم يقل: خالق في الأرض لأن آدم خلق أولا في السماء ثم أنزل. والأرض هنا كوكبنا. خليفة: الخليفة هو من يخلف غيره في أمر ما أو يقوم مقامه كما قال موسى عليه السلام لأخيه: "اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (١٤٢-٧)". ويعني هنا خليفة الله في أرضه بحيث عليه أن يعمل فيها بشرعه سبحانه محاربا في نفس الوقت فجور نفسه لأنها ميالة إلى السوء. وبعد ذلك سيسأل ويحاسب على خلافته تلك التي جعلها له سبحانه في كثير من الأمور. وهو هنا إنسان أرضنا التي كانت حينها بلا شك آخر كوكب حي في الحلقة الأرضية لم يكن فيه بعد بشر عاقل. أنظر تفاصيل عن ذلك في كتاب قصة الوجود. يعني آدم وذريته هم آخر خلق الله المحاسب الذين ظهروا في الوجود كما قد يتبين من الحديث النبوي الذي أخرجه الإمام أحمد عن مجاهد عن ابن عمر قال: كنا جلوسا عند النبي والشمس على قعيقعان بعد العصر فقال » ما أعماركم في أعمار من مضى إلا كما بقي من النهار في ما مضى «. ومن مضى أي من العقلاء. والأعمار هنا هي أعمار كل أنواع الجن والإنس منذ خلقهم إلى يوم الفناء. أنظر تفسير هذا الحديث بالضبط في كتاب قصة الوجود ٢١ب٢. واستخلف بنو آدم في أعظم وأخطر مقام في الحلقة الأرضية حيث فيه دون سواه كل الأشياء الجميلة والقبيحة التي أخرجت إلى الدنيا. أما الكواكب الأخرى فينقصها عدد من ذلك على حسب بعدها أو قربها من وسط أعلى الحلقة. وقبل آدم كان آخر خلفاء الله في الدنيا ( وأنواعهم لا تزال موجودة إلى يوم الفناء ) إنس الكواكب الحية الأقرب إلى كوكبنا. وهم أقل ابتلاء منا وأقل شرا. لكن قبلنا كان لا يوجد أكثر منهم ابتلاء بالإيمان بالغيب. والخلافة هي أيضا خلافة على حمل قدر من أمانة الله. كل نوع من الإنس المحاسبين كان يستخلف على قدر معين منها ولا يستطيع أن يحمل أكثر مما هيء له. لذلك كان الله يخلق نوعا بعد آخر ليحمل منها أكثر مما حمل من سبقه. وكانت عملية الخلق تنتقل إلى الكواكب الأقرب إلى الوسط شيئا فشيئا حتى جاء دور آدم الذي حمل الأمانة كلها. أنظر دلائل وجود هذه اﻷنواع وأنواع إيمانها وظروفها في كتاب قصة الوجود. هذه الدلائل تستند إلى معرفة شكل الدنيا وشكل اﻵخرة وإلى حسابات بين عرض جهنم الأكبر وبين عرض المساحة التي ستقف فيها فوق أرض المحشر كل هذه اﻷنواع. فلا بد إذن من قراءة كتاب قصة الوجود بكامله لتتبين لك هذه الحقائق.

أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء: كان الملائكة يرون الفساد وسفك الدماء في جن وإنس الكواكب الأخرى ويكثران كلما خلق الله غيرهم في كوكب أقرب إلى الوسط. أنظر لماذا والدليل على ذلك في كتاب قصة الوجود. لقد بدأ خلق الجن والإنس في الكواكب التي في أقصى يمين وأقصى شمال الحلقة الأرضية ثم استمر في التي تليها شيئا فشيئا من الداخل في اتجاه الوسط. أما كوكبنا فيوجد تماما في وسط أعلى الحلقة في القطر الفضائي الأوسط.

أما تساؤل الملائكة هذا فكان فقط من باب الاستغراب. فهم يعلمون أن الله لا يبدل القول لديه. ما شاء كان وما لم يشأ لن يكون. فسألوا كيف يستخلف في هذه الأرض الفضلى خلقا ميالا إلى السوء أكثر من غيره ( وهم لا يعلمون حينها أن الله سيعلم آدم الأسماء كلها ) بينما هم أهل علم ويسبحونه باستمرار ؟ ويسفك الدماء: أي يريقها ظلما وعدوانا. نسبح بحمدك: ننزهك عن كل ما لا يليق بك حامدينك على الدوام. ونقدس لك: نطهر ذكرك عما لا يليق أو نطهر أنفسنا لك ابتغاء قربك. ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك: هذا الكلام يشير إلى رغبتهم في أن يكونوا هم الخلفاء في الأرض لأنهم يرون أنفسهم صالحين معصومين من الذنوب. ويؤكد رغبتهم هذه قوله تعالى لهم: " أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (٣١-٢) ". أعلم ما لا تعلمون: كانوا لا يعلمون أن الله سيعلم آدم كل الأسماء وأنهم يجهلونها. ذلك من غيب السماوات والأرض لا يعلمه إلا الله. وكانوا أيضا لا يعلمون أن الخلافة متعلقة بحمل الأمانة. أي بامتحان القلوب وإصلاحها وليس بإصلاح الأرض فقط. وبالتالي ربما يبدو أن هذه كانت أول مرة يعلم الملائكة منها الفائدة الحقيقية من إتيان يوم الحساب رغم علمهم بأنه حق وإلا لما تعجبوا. فإخبار الله لهم هذا كان علما ضروريا بالنسبة لهم.


   





تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة