U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

تطبيق قواعد النسخ-07

   

تطبيق قواعد النسخ

(7/9)

١٥- آيات في الرسول

١٥أ- محمد وحكمه بين أهل الكتاب: قيل الآية﴿ فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا ﴾ (٤٢-٥) نسخت بقوله﴿ وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ﴾ (٤٩-٥) وهذا خطأ: فالآية الأولى تخير النبي في الحكم أو الإعراض عنه، وتوصيه في آخر الآية بالقسط إن اختار الحكم. والآية الثانية تؤكد القسط وتوضحه. وهو الحكم بما أنزل الله ( إن اختار الحكم طبعا).

وهذه الآيات تبين أن القضاء الإسلامي حر: فله أن يحكم بين أهل الكتاب في قضاياهم أو يعرض. وذلك تبعا لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين.

١٥ب- الرسول ونجوى المؤمنين له: قال تعالى﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ﴾(١٢-٥٨) قيل هذه الآية نسخها قوله ﴿أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون ﴾(١٣-٥٨). قيل أن المسلمين بنزول الآية الأولى أمسكوا عن سؤال النبي وقيل أيضا أن عليا رضي الله عنه اختص بفضلها أي وحده الذي عمل بها.

تفسير: الآية الأولى لم تنسخ. من كان يريد العمل بها في زمان النبي فليفعل. والمنسوخ طبقا لقواعد النسخ هو الذي يمنع العمل به كاستقبال بيت المقدس مثلا الذي نسخه استقبال بيت الله الحرام. والآية الثانية لم تمنع المسلمين بإعطاء الصدقة في النجوى فنسخت الفرض فقط وتركت الحكم للتطوع. وقوله تعالى﴿ فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم ﴾ يؤكد هذا المعنى. فالله يتوب على من لم يفعل شريطة أن يقوم دوما بأداء الصلاة والزكاة وإطاعة الله ورسوله . أي هذه أدنى شروط مناجاة الرسول بالنسبة للمؤمنين التي هي من واجبات الإسلام. والمعنى هو أنكم ستحاسبون عليها أكثر. فوسع الله على المسلمين بالآية الثانية مع إبقاء الأمر الأول.

١٥ت- في زواج النبي : قيل الآية﴿ لا يحل لك النساء من بعد ﴾(٥٢-٣٣) نسخت بقوله﴿ يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك ﴾(٥٠-٣٣) والذي قال بذلك يجهل ترتيب المعلومات القرآنية. ومعنى الآيتين أنه لا يحل للنبي أن يتزوج نساء بعد اللاتي أحل له مما ملكت يمينه وبنات عمه وبنات عماته ... الخ.

١٥ث- محمد وغفران الذنب: قيل الآية﴿ قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ﴾(١٥-٦) نسخت بقوله﴿ ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ﴾(٢-٤٨). والقول بالنسخ هنا لا معنى له. الآية الثانية تبين أن الله غفر للنبي ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وهذا يبين مكانة الرسول عند الله بأن بشره في الدنيا بذلك. لكن هذا لا يعني أنه يمكن له اقتراف الذنوب بمحض إرادته لأنها ستغفر له. بل إن الله غفر له لأنه فعلا يخاف إن عصى ربه عذاب يوم عظيم. ولقد ثبت الله الآية الأولى بآية مماثلة في سورة يونس: الآية ١٥. وهذا أيضا ينفي النسخ.

١٥ج- في أجر الرسول : قيل الآية﴿ قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ﴾(٢٣-٤٢) نسخت بقوله﴿ قل ما سألتكم من أجر فهو لكم ﴾(٤٧-٣٤). وهذا خطأ. ليس بين الآيتن نسخ. ووقع اختلاف في تفسيرهما مما يدعو إلى عدم القول به. والمودة في القربى حسب السياق قد تعني حب التقرب إلى الله. ومن يقترف حسنة ليتقرب كما جاء في تتمة الآية يزد له الله فيها حسنا. وهذا مثل قوله تعالى﴿ قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا ﴾(٥٧-٢٥) أي اتخاذ السبيل إلى الله هو الذي أطلب منكم في المقابل. وقد يكون ببذل المال أيضا في سبيله وابتغاء مرضاته. وهذا ليس أجرا على القرآن.

وقيل القربى قرابة الرسول . قيل لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة. أي لا أطلب منكم أجرا على القرآن لكن في المقابل لا تؤذوني فيما بيني وبينكم من القرابة وأنا أدعو إلى الله. لكن هذا التفسير والله أعلم بعيد عن السياق وعن الحب المذكور في الآية. فعدم الإيذاء ليس هو الحب والمودة. وكيف يأمر الله رسوله بأن يطلب الود من المشركين ؟  

أما الآية الثانية فهي على سبيل الاحتمال فقط: إن كنت قد طلبت منكم أجرا على ما آتيت به قبل نزول هذه الآية فإني أتنازل عنه لكم. وطبعا لم يطلب الرسول أجرا على ذلك.

١٦- في عذاب الله لكفار قريش 

قيل الآية﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾(٣٣-٨) نُسخت بالتي تليها ﴿وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام﴾(٣٤-٨). ليس بين الآيتين نسخ وتذكران مواقف الله تجاه الكافرين. وليستا أحكاما إلى البشر حتى نقول بالنسخ. ولو كانت الآية الأولى منسوخة لعذب الله المشركين وفيهم رسوله أو لعذبهم وهم يستغفرون.

وواضح أن الآية الأولى نزلت والنبي لا يزال في مكة. فقد ذكر الله سببين في منعه لتعذيب المشركين. وهما من سننه تجاه أهل القرى: وجود الرسول والمؤمنين من بينهم واستغفار من بالقرية قبل نزول العقاب. أما في الحالات الأخرى غير هاتين فعقاب الله لا ينزل إلا إذا شاء وليس بطلب من المشركين. فقد طلبوا أن ينزل عليهم حجارة من السماء أو يأتيهم بعذاب أليم إن كان القرآن حقا من عنده. أما قوله "وهم يستغفرون" فيوحي بأنهم تراجعوا عن طلبهم بنزول هذا العذاب خوفا منه. وروي هذا عن يزيد بن رومان ومحمد بن قيس قالا: " إن قريشاً لما قالوا ما قالوا ندموا حين أمسوا فقالوا: غفرانك اللهم ". 

وفي الآية الثانية أخبر الله أنه كيف لا يعذبهم ( في الدنيا قبل الآخرة ) في حالة أخرى لما منعوا المؤمنين من الصلاة في المسجد الحرام وصدوهم عنه كما وقع عام الحديبية﴿ هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ﴾(٢٥-٤٨). فعذبوا بالقحط والقتل والأسر والهزيمة والإهانة.


   





تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة