U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

ذو القرنين-04

   

١٦- ذو القرنين

(4/4)

٤- قصة يأجوج ومأجوج

ثُمَّ اتبَعَ سَبَبًا (٩٢-١٨) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السُّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (٩٣-١٨) ثم اتبع سببا: أي انطلاقا من مطلع الشمس. سببا: سببا من الأسباب المرسومة عنده أي طريقا معلما. والسدان هنا هما جبلان متناوحان بينهما ثغرة كانت يأجوج ومأجوج تخرج منها. قيل على بلاد الترك وقيل غير ذلك والله أعلم. أما القوم الآخرون فكانوا موجودين خارج السدين. وبعد إيمانهم بدين ذي القرنين طلبوا منه الإعانة. من دونهما: أي قبلهما. أي في الأرض التي قبل الفتحة الوحيدة التي كانت بين الجبلين. وسميا " سدان " لأنهما يحبسان الطريق. فإذا دخلت من الفتحة بين السدين فلا يمكن الخروج إلا منها. ولا شك أن المكان المسدود هناك كان يسع يأجوج ومأجوج بل سيسعهما إلى يوم خروجهما. قوما لا يكادون يفقهون قولا: أي يفهمون بصعوبة ما يقال لهم لكونهم لا يعلمون أية لغة من اللغات المنتشرة في ذلك الزمان.

قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سُدًّا (٩٤-١٨) ويأجوج ومأجوج كانوا بين السدين. مفسدون: معتدون وحشيون. قيل هم من ولد يافث ابن نوح عليه السلام. خرجا: أي مالا أو غلة يخصصان لك في مقابل هذه المهمة. سدا: حاجزا يسد الطريق بيننا وبينهم.

قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (٩٥-١٨) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (٩٦-١٨) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (٩٧-١٨) ما مكني فيه ربي خير: أي ما جعلني متمكنا فيه من المال والملك والقوة ...الخ خير من مالكم وخراجكم. فأعينوني بقوة: أي بقوة أبدانكم وفي كل ما أطلب منكم لهذا العمل. ردما: طلب القوم من ذي القرنين أن يجعل بينهم وبين هؤلاء سدا فاختار أن يجعل أعظم من ذلك وهو الردم بحيث به لن يروا أشعة الشمس. جاء في الحديث أنهم يحفرون حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس ..... فالردم هو الحاجز الحصين الذي يمنع من كان تحته من أن يرى السماء. وكان ذلك من أمر الله لذي القرنين فعلم أن خروج يأجوج ومأجوج سيكون من أشراط الساعة لقوله " فإذا جاء وعد ربي جعله دكا ". فستظل ذريتهم هناك إلى أن يفتحه الله بنفسه. زبر: قطع كبيرة. الصدفين: أي جانبي الجبلين. ساوى بين الصدفين: أملأ الثغرة التي بينهما بالحديد. انفخوا: أي انفخوا على الحديد بالأكيار. جعله نارا: أي الحديد. قطرا: أي النحاس المذاب أو الحديد المذاب.  فما اسطاعوا أن يظهروه: أي أن يتصلقوه لأنه أملس. نقبا: خرقا أو ثقبة.

قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكًّا وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (٩٨-١٨) هذا رحمة من ربي: أي هذا الردم رحمة الله على الناس من شر يأجوج ومأجوج. لولاه لانتشروا في الأرض وأفنوا كل شيء. فإذا جاء وعد ربي: فخروج يأجوج ومأجوج من وعد الله تعالى. دكا: مستويا بسطح الأرض مدكوكا. وكان وعد ربي حقا: أي سيجعل الردم دكا لتخرج يأجوج ومأجوج. فأعلم الله ذا القرنين أن ذلك من علامات الساعة. ولا داعي للبحث عن مكان وجودهم. فهم محبوسون بين جبال الأرض لا يرون الشمس في مكان لا يعلمه إلا الله. حتى الذين يجاورونهم الآن غافلون عن وجودهم قربهم. ويستحيل على الناس مهما بلغوا من العلم أن يعرفوا مكانهم. فذلك أمر الله قائم إلى أن يحطم الردم بنفسه بعد نزول عيسى عليه السلام.

٥- خروج يأجوج ومأجوج واقتراب الساعة

أنظر فصل الساعة ١١١-١٢ح٢ (٩٧-٩٦-٢١)

إن الله سبحانه هو من سيجعل الردم دكا عند اقتراب الساعة. وسيخرج المفسدون الذين لا يعرفون إلا الفساد والعياذ بالله.

في حديث مسلم سيوحي الله إلى عيسى« إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور» فهذا يدل على أن البشرية في ذاك الوقت ضعيفة لا تقدر على التصدي لهؤلاء المفسدين. ونحن نعلم أنها في تطور دائم منذ خلق آدم. فبعد ضعفها وجهلها تتقدم حتى تصل إلى قمتها في القوة والعلم. ثم بعد ذلك ستتراجع إلى الوراء وتضعف ويقبض العلم حتى تعود إلى ضعفها الأول. فينطبق عليها ما ينطبق على الفرد. وهو قوله تعالى﴿ الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ﴾(٥٤-٣٠) ويبدو أن هذا هو أمر كل الأحياء بل حتى الجمادات كالنجوم والمجرات وغيرها. الكل يمر طبيعيا من تلك المراحل قبل فنائه إلا من شاء الله له أن يهلك قبل ذلك. لذلك ستكون البشرية في أواخر مراحلها في ضعف مع ظهور أشراط الساعة. وسيعود الناس يتقاتلون بالسيوف كما كان الأمر عليه في أوائل زمانهم. ولن تبقى حينذاك أسلحة متطورة كالتي نعرفها الآن. ربما لنفاذ المواد الأساسية أو لفقدان العلوم الضرورية لصنعها حيث سيقبض كل علم أو لأسباب أخرى. فتغيرات كثيرة ستحدث حتى أن العرب مثلا هم يومئذ قليلون كما جاء في حديث رواه ابن ماجه وجلهم ببيت المقدس ( أنظر كتاب قصة الوجود ٤٤أ٢ب -٤٤أ٢ت). أما يأجوج ومأجوج فسيموتون ببركة دعاء عيسى عليه السلام وأصحابه. سيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة.


   





تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة