U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

موسى-05

   

٢٦- موسى

(5/18)


١٨- بعد رحيله من مدين وقع أول اتصال بينه وبين الله جل جلاله

١٨أ- أوحيت قصة موسى هذه إلى النبي محمد : وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (٩-٢٠) لم تكن أتته بعد قصة موسى إذ رأى نارا ... فقص عليه الله حديثها.

١٨ب- قصة موسى وفرعون: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧-٨٥) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨-٨٥  ) نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣-٢٨) هل أتاك ...: أي هل وصلك ما أحل بجنود فرعون وجنود ثمود من عقاب الله ؟ وهذا مثل عن بطش الله لقوله قبل ذلك: " إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢-٨٥) ". وثمود: هم قوم صالح. نبإ: خبر.

١٨ت- رأى موسى نارا : وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (٩-٢٠) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (١٠-٢٠) إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧-٢٧) امكثوا: امكثوا في مكانكم. آنست: أبصرت عن بعد. وهذا لما غادر موسى مدين. بقبس: أي بشعلة نار مأخوذة من تلك النار على رأس عود. هدى: أي من يرشده لأنه ضل عن الطريق. فقد تاه عنها في ليل مظلم بارد. إذ قال موسى ...: وهذا الحدث  يدخل أيضا في علم الله المذكور في الآية السابقة. " إِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ". بخبر: بخبر لأنه ضل عن الطريق. بشهاب قبس: أي قبس ساطع بنوره. تصطلون: أي تستدفئون من البرد.

من جانب طور سيناء: فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جِذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩-٢٨) الأجل: أي الأجل المتفق عليه بينه وبين الشيخ أبي امرأته. آنس: أبصر عن بعد. الطور: الجبل الذي عليه شجر. امكثوا - آنست – بخبر- تصطلون: أنظر الفقرة السابقة. جذوة: قطعة من الجمر أو شعلة.

١٨ث- أول اتصال له بالله : فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنَ شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ ... (٣٠-٢٨) أتاها: أي وصل إلى مكان النار فوجد شجرة تضطرم نارا دون أن تحترق. شاطئ الواد الأيمن: الواد هو الأرض التي بين جبلين. وشاطئه جانبه. الأيمن: أنظر الفقرة ١٨ث٢. في البقعة المباركة: مباركة لأن منها كلم الله موسى لأول مرة وبارك عليه بأن جعله نبيا. ومن تم بدأت رسالته لتحرير بني إسرائيل. من الشجرة: تلك البقعة كانت تلي الشجرة.

- ث١- الواد المقدس طوى : إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوَى (١٦-٧٩) المقدس: المطهر بمباركة الله. طوى: هو اسم الواد.

- ث٢- الجانب الأيمن من طور سيناء : وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢-١٩) الأيمن: ربما هو الذي من جهة غروب الشمس. أنظر تفاصيل عن أيمان وشمائل الأشياء وكذا الأرض في عالم البصريات في فقرة اتجاهات الكون في كتاب قصة الوجود. والأيمن هنا نعت للطور وليس لجانبه. وهو " الغربي " أيضا الذي من جهة الغروب كما قال تعالى: " وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ " (٤٤-٢٨). فموسى كان مارا في الوادي بين جبلين فناداه الله من شاطئه الأيمن: " فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنَ شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ " (٣٠-٢٨). والأيمن هنا نعت لشاطئ الوادي. أي أيمن الوادي. ولا يمكن هنا أن يكون الجانب الأيمن للطور. وقربناه نجيا: كان يناجي ربه قريبا منه. وذلك بسماع كلامه مباشرة.

١٨ج- وأخبر الله موسى عن نفسه: فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨-٢٧) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩-٢٧) ... أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠-٢٨) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى (١١-٢٠) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوَى (١٢-٢٠) جاءها - أتاها: أي النار وهي الشجرة التي كانت فيها النار دون حريق. نودي: أي نادى الله موسى. بورك من في النار ومن حولها: أي بورك من كان هناك أي الله وموسى إضافة إلى تبريك المكان أي البقعة المباركة والواد المقدس والشجرة والشام. والبركة هي الكثرة والاتساع. وسبحان الله: أي تنزه وتبرأ من كل نقص. وهذا أيضا من كلام الله ينزه نفسه بنفسه لتعليم موسى. العالمين: كل الكائنات الحية. العزيز: الغالب على كل شيء. الحكيم: الحكيم في تدبير شؤون كل الخلق. المقدس: المطهر بمباركة الله له. طوى: اسم الواد.

١٨ح- وعن الصلاة والساعة والحساب: وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (١٣-٢٠) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤-٢٠) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (١٥-٢٠) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (١٦-٢٠) فاستمع لما يوحى: كان موسى يسمع كلام الله إليه. ولو كان بجانبه أحد لما سمع شيئا. أكاد أخفيها: أنظر تفسير ذلك في فصل الساعة ١١١- ٣. فلا يصدنك عنها: أي لا يصرفنك عن الإيمان بها. فتردى: أي فتسقط وتهوى  في جهنم.

١٨خ- وآتاه القدرة على تحقيق بعض المعجزات بإذنه:

١- وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (١٥٣-٤) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ (١٠١-١٧) سلطانا مبينا: برهانا قاهر العقول. وكانت سلطته واقعية بتأييد الله له بمعجزات قاهرات كالدم والضفادع ...الخ. آيات بينات: معجزات واضح أن فاعلها هو الله. تسع آيات: أي التي شهدها فرعون لأن موسى قال له: لقد علمت ما أنزل هؤلاء ( التسع آيات ) إلا رب السماوات والأرض بصائر. وأشار الله في آية أخرى (١٢-٢٧) أن العصا واليد في تسع آيات إلى فرعون وقومه. وهي العصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والبحر. والتاسعة هي أن أخذهم الله بالسنين ونقص من الثمرات والطمس على أموالهم. أما بنو إسرائيل فشهدوا أكثر من ذلك: الطور والحجر والمن والسلوى والغمام ...الخ

٢- وسأله عن عصاه: وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (١٧-٢٠) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّؤُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (١٨-٢٠) وما تلك بيمينك: سؤال ليتيقن موسى من أنه ممسك بعصا حتى إذا انقلبت حية علم بأنها معجزة من الله. وأهش بها على غنمي: أي أضرب بها أغصان الشجر ليتساقط الورق لغنمي. مآرب: حوائج ومنافع.

٣- وأمره بإلقائها: قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (١٩-٢٠) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (٢٠-٢٠  ) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (٢١-٢٠) تسعى: تمشي على بطنها بسرعة. سيرتها: أي حالتها.

وأخبره بأن المرسلين آمنون عنده: وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠-٢٧) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١-٢٧) وَأَن أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (٣١-٢٨) تهتز: تتحرك بشدة. جان: نوع من الحيات خفيف الحركة. كأنها جان: التشبيه هنا في سرعة الحركة. أما العصا فانقلبت فعلا إلى ثعبان مبين كما ذكر في آية أخرى. أي هذا الثعبان كان يهتز بسرعة كأنه حية صغيرة. ولى مدبرا: هرب من حيث أتى. ولم يعقب: لم يرجع ولم يلتفت. إني لا يخاف لدي المرسلون: أي هم في مأمن لا يلبسهم خوف من اتصالي بهم وتكليفهم بما آمرهم ولا من عاقبة أمرهم ما داموا على الحق والعدل. وفي ذلك إعلام أول لموسى أن الله اختاره كرسول له. أما خوفه فكان قبل ذلك. إلا من ظلم ...: الآية عامة عن الرسل. أي الخوف لا ينتاب منهم إلا من ظلم لكني غفار لمن بدل حسنا بعد سوء. وهذا إعلام آخر يبين أن التوبة والعمل الصالح ينجيان صاحبهما المخطئ حتى وإن كان رسولا. أما ما فعل موسى بالقبطي فكان قبل نبوته. فقد ندم وتاب وانطبق عليه ما ينطبق على كل تائب من عامة الناس. فالله غفر له في لحظة توبته. ثم بدل حسنا بعد سوء: أي التوبة والعمل الصالح بعد عمل سيئ.

٤- وأيده بمعجزة اليد وطرد الخوف من كيانه : وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (١٢-٢٧) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (٢٢-٢٠) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (٢٣-٢٠) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ (٣٢-٢٨) جيبك: فتحة القميص التي فوقها أعلى الصدر والعنق. بيضاء: أي يصبح لون اليد أبيض كبياض اللبن. من غير سوء: دون مرض كالبرص وغيره. واضمم يدك إلى جناحك: أي أمسك يدك بجناحك واجمع بينهما. جناحك: جنبك تحت العضد ( الأيسر هنا ) وهو في محل الجناح. اسلك: أدخل. واضمم إليك جناحك من الرهب: أي ليذهب عنك الخوف.

٥- العصا واليد: فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَإِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (٣٢-٢٨) فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (١٢-٢٧)

١٨د- وكلفه بالرسالة:

١- وهي إخراج قومه من الظلمات إلى النور: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَن أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥-١٤) من الظلمات إلى النور: أي من ضلال الجهل والكفر إلى الهدى ونور البصيرة. والظلمات سيراها الكافر حقا يوم القيامة وفي جهنم. والنور سيراه المؤمن حقا في الجنة. فنورها المرئي وغير المرئي من نور الله. بأيام الله: أي بنعمه وبلائه. وأيام الله بارزة في الآخرة حيث نورها من وجه الله. إن في ذلك: أي التذكير بأيام الله. لكل صبار شكور: فقد صبر بنو إسرائيل على أذى فرعون وقومه. وعليهم أن يشكروا الله على أن نجاهم من ذلك. وما جاء به موسى فيه آيات لهم.

٢- وكذا قوم فرعون: وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠-٢٦) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (١١-٢٦) الظالمين: الظالمين في المعتقد والأعمال. ألا يتقون: أي قل لهم يا موسى: ألا يتقون الله ؟

٣- وفرعون نفسه: اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٢٤-٢٠)(١٧-٧٩) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨-٧٩) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (١٩-٧٩) هل لك إلى أن تزكى: أي هل لك إرادة إلى أن تتطهر من الشرك والذنوب ؟ وأهديك إلى ربك فتخشى: أي أرشدك إلى طريق الله فتتعلم كيف تخشاه.

١٨ذ- لكن كيف وقد قتل رجلا منهم ؟ قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣-٢٨) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤-٢٦) قَالَ كَلَّا (١٥-٢٦) ذنب: وهو ذنب قتل القبطي. كلا: أي لن يقتلوك. وهذا تنبؤ لموسى بأن الله عاصمه.

١٨ر- وأنه ليس فصيحا ولا هادئا في الحوار: قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢-٢٦) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي (١٣-٢٦)

- فدعا الله في هذا الشأن: قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥-٢٠) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦-٢٠) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧-٢٠) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨-٢٠) اشرح لي صدري: أي وسع صدري لتحمل هذه الرسالة العظيمة أو اجعلني لا أغضب حتى أستطيع أن أبلغ كلامي. واحلل عقدة من لساني: قيل احترق لسانه بجمرة وضعها في فمه وهو صغير والله أعلم أو فقط يفقد فصاحته ولا ينطلق لسانه عندما ينفعل أو يضيق صدره أو يغضب كما رأينا في الفقرة السابقة.

١٨ز- وأراد الاستعانة بأخيه: وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩-٢٠) هَارُونَ أَخِي (٣٠-٢٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١-٢٠) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢-٢٠) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (٣٣-٢٠) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (٣٤-٢٠) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (٣٥-٢٠) وزيرا: معينا. اشدد به أزري: لأتقوى به. والأزر هو الظهر والقوة. في أمري: أي أمر رسالتي. نسبحك: ننزهك بالتسبيح. كنت بنا بصيرا: أي كنت دائما عالما بقلوبنا وطبيعتنا وأحوالنا فتعلم كل ما يصلح لنا.

.... فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (١٣-٢٦) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدًا يُصَدِّقْنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤-٢٨) فأرسل إلى هارون: أي أرسل إليه الوحي. ردا: أي معينا. يصدقني: أي يصدقني أمام فرعون وملأه.

١٨س- واستجاب الله له في ذلك: قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (٣٦-٢٠) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (٣٥-٢٨) سؤلك: أي ما طلبت. سنشد عضدك بأخيك: أي سنقويك به. والعضد هو غليظ الذراع. سلطانا: برهانا ذا قوة. فلا يصلون إليكما بآياتنا: أي آياتنا ستمنعهم من أن يؤذوكما. وهذا تنبؤ.

ثم ذكره بقصته منذ ولادته: وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (٣٧-٢٠) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (٣٨-٢٠) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (٣٩-٢٠) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (٤٠-٢٠) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (٤١-٢٠) مننا عليك: أنعمنا عليك. مرة أخرى: أي غير هذه المرة التي أنعمنا عليك برسالتنا وكلامنا واستجابتنا لسؤلك. والمرة الأخرى هي قصته منذ ولادته وتنجيته من الذبح إلى أن قتل رجلا فغفر له كما جاء في الآيات بعد هذه الآية لقوله تعالى: إذ أوحينا .... أوحينا إلى أمك: فكان وحيا حقيقيا أحست به أم موسى. لكن ذلك الوحي الوحيد لم يجعلها من الأنبياء الذين كانت لهم رسالة دعوة الناس إلى الله. ما يوحى: أي ما يلقى في النفس بواسطة الوحي أو الإلهام. التابوت: صندوق من خشب. فاقذفيه في اليم: ألقي التابوت في نهر النيل هنا. بالساحل: أي الشاطئ. محبة مني: أي يحبك كل من رآك. ولتصنع على عيني: أي لتربى بمراقبتي وحفظي. يكفله: أي يتكلف بإرضاعه وسائر شؤونه. تقر عينها: تسر وتهدأ. وكان هذا من رحمة الله ولطفه على أم موسى. فنجيناك من الغم: أي من الحزن والكرب والخوف من أن يقتلك فرعون وقومه. وفتناك فتونا: اختبرناك كثيرا. على قدر: أي في الوقت المقدر لك. واصطنعتك لنفسي: أي اصطفيتك لرسالتي أو خلقتك وهديتك لذلك. وحكى الله له قصته ليبين له أيضا أنه عليم بكل شيء.

١٨ش- فأصبح هارون نبيا ووزيرا لموسى: أنظر الفقرة ٨-٩

١٩موسى وهارون كُلفا معا بالرسالة

إلى قوم فرعون: فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ... (٣٦-٢٥) الذين كذبوا بآياتنا: أي بشركهم ومعتقداتهم الباطلة. فمن أشرك فقد كذب بآيات الله في خلقه. أما الرسل فيبعثون ليذكروا الناس بربهم وآياته.

وإلى فرعون ليطلق سراح بني إسرائيل: فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥-٢٦) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦-٢٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٧-٢٦) فاذهبا: أي أنت وهارون. هذا بعد أن أخبره الله بأن سؤله عن نبوة أخيه قد استجيب له كما جاء في آية أخرى. معكم: أي مع موسى وهارون وفرعون وملأه. إنا رسول: أي نحن الاثنان لنا نفس الرسالة. أرسل معنا بني إسرائيل: أي حررهم من العبودية واتركهم يذهبون معنا حيث أمر الله.

ولينجو من عذاب الله: اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (٤٢-٢٠) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٤٣-٢٠) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤-٢٠) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (٤٥-٢٠) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦-٢٠) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (٤٧-٢٠) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٤٨-٢٠) ولا تنيا: لا تفترا ولا تضعفا. يفرط علينا: أي يعجل علينا بالعقوبة. والسلام على من اتبع الهدى: أي من اتبع الهدى سلم من عذاب الله. وتولى: أي أعرض.


   





تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة