U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

الرسل-16

   

١٠- الرسل

(16/17)

٤٩- الفرق بين النبي والرسول والفرق بين الرسل

يوجد فرق بين النبي والرسول لقوله تعالى﴿ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ......(٥٢-٢٢) وقوله عن موسى﴿ وكان رسولا نبيا (٥١-١٩). إن الرسل كلهم أنبياء ولكن الأنبياء ليسوا كلهم رسلا بالمعنى الذي سنفصله في هذه الفقرة. والرسول مفضل على النبي بالرسالة. وكلاهما يتلقى الوحي .

مهمة النبي: تنحصر فقط في دعوة الناس إلى عبادة الله وإخبارهم بأمور الدين.

مهمة الرسول: أعظم وأخطر. كان الله لا يبعثه في قرية إلا عندما يريد أن يفصل في أمرها. ولكن يوجد فرق بين الرسل الذين كانوا قبل التوراة والذين بعثوا بعدها.

الرسل قبل نزول التوراة:

النقطة الأولى: الفرق بين النبي والرسول في تلك الفترة هو أن الرسول كان يبعث داعيا إلى الله ومنذرا بعذاب دنيوي على القرية إن كفرت به ومبشرا بالخيرات إن آمنت. قال تعالى﴿ وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين (٤٨-٦)﴿ فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين(٢١٣-٢) فكان الأنبياء الرسل يخبرون أقوامهم بما سيتعرضون له من عقاب في الدنيا والآخرة. أما الذين ليسوا رسلا بهذا المستوى فكانوا لا يخبرونهم إلا بعقاب الله في الآخرة ولا يعلمون ما سيحل بهم في الدنيا. ولا ينزل العقاب بعد التنبؤ به إلا بعد إرسال الرسل وليس الأنبياء فقط. ويرسلهم الله إلى قاداتهم وملوكهم﴿ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا (١٥-١٧)﴿ وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلوا عليهم آياتنا (٥٩-٢٨)

النقطة الثانية: والتي ميزت الرسول عن النبي خصوصا قبل نزول التوراة هي أن الأول كان معصوما من الناس. فكيف يترك الله رسوله يُقتل وقد أرسله لينذر قومه بعذاب دنيوي ؟ فالذين قتلوا في تلك الفترة هم بلا شك أنبياء فقط وليس رسلا. أما الرسل فأوذوا في سبيل الله ثم نصرهم ونجاهم مع المؤمنين. وعادة كان الرسول يخرج من القرية ثم ينزل العقاب عليها﴿ ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين (٣٤-٦) أي لقد علمت سنة الله في الرسل مع أقوامهم. وقال تعالى﴿ كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه (...) فأخذتهم فكيف كان عقاب (٥-٤٠) فالأحزاب هنا كانوا قبل التوراة. وكل أمة قبلها همت بقتل رسولها دون جدوى فأهلكها الله. قال سبحانه في هذا الصدد﴿ ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين (١٧١-٣٧) إنهم لهم المنصورون (١٧٢-٣٧) وإن جندنا لهم الغالبون (١٧٣-٣٧)﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي(٢١-٥٨) فكان الله إذن ينصرهم في الحياة الدنيا. وسينصرهم يوم يقوم الأشهاد.

وأحيانا كان الله يرسل عدة رسل إلى القرية الواحدة قبل أن يحل عليها العقاب. وضرب لنا مثل التي أرسل إليها اثنين فكُذبا فعزز برسول ثالث( فصل الأمثال ٤٦-٣٣ ). وأيضا عاد وثمود الذين جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم فكانت عاقبة المنذرين كلهم الهلاك التام ( باستثناء قوم يونس لما آمنوا رحمهم الله وكشف عنهم العذاب ).

الرسل بعد نزول التوراة:

نشير أن فرعون وجنوده أهلكوا بعقاب من السماء قبل نزول التوراة بقليل إذ تلقاها موسى مباشرة بعد ذلك. وفرض الله القتال فيها وفي الكتب التي نزلت بعدها. والقرآن أخبرنا أن الوعد بالجنة في مقابل الجهاد في سبيل الله مكتوب في التوراة والإنجيل أيضا ( فصل الجهاد ٨٥-٩ث١ (١١١-٩) ). فكان الرسول بعد التوراة لا يبعث متنبئا بعذاب دنيوي مباشرة من السماء ولكن يبعث خصوصا محاربا. وكان الله يعذب الكافرين بأيدي المؤمنين. وهذا كان لا ينفي نزول العقاب من السماء إلا أن الرسول كان في غالب الأحيان لا يعلمه. والمثال على ذلك الرجفة التي أهلكت السبعين رجلا وهم بصحبة موسى عليه السلام دون أن يكون هو على علم بمجيئها. وكذلك الصاعقة التي نزلت على بني إسرائيل لأنهم امتنعوا عن تصديق موسى حتى يروا الله جهرة.

إن الرسل بعد التوراة إذن كانوا خصوصا مجاهدين أو محاربين ولا يدرون ما سيفعل بهم ولا بأقوامهم. لذلك أمر الله نبيه محمد بأن يقول﴿ وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي (٩-٤٦) لكن الوعد بنصره على الكافرين وتعذيبهم في الدنيا قبل الآخرة كان معلوما ومنتظرا لا يعلم أجله إلا الله. ﴿ قل رب إما تريني ما يوعدون (٩٣-٢٣) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين (٩٤-٢٣) ﴿ حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة ... (٧٥-١٩)

قال تعالى﴿ ولقد آتينا موسى الكتاب من بعدما أهلكنا القرون الأولى (٤٣-٢٨) ومن تم أصبح الأنبياء محاربين مجاهدين. وعلى سبيل المثال أمر موسى قومه بأن يدخلوا الأرض المقدسة ويقاتلوا أهلها الجبارين فأبوا فحكم عليهم بالتيه في الأرض أربعين سنة. وقيل أن يوشع بن نون هو من فتحها بعد هلاك موسى. وفي زمان طالوت قتل داوود جالوت في الحرب. وكان سليمان يقاتل هو وجنوده في سبيل الله. وذكر في القرآن أنه أراد فتح سبأ. ( بالمناسبة: قد يكون هذا المنطق دليلا على أن زمان ذي القرنين الملك الطواف المحارب كان بعد نزول التوراة والله أعلم ). وقال تعالى لمحمد وللمؤمنين﴿ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم (١٤-٩). وهذا لا يعني كما قلت أن العقاب السماوي قد انتهى بل هو قائم إلى يوم القيامة﴿ وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا (٥٨-١٧) وكلما توفرت شروط العقاب نزل لا محالة ( أنظر كتاب قصة الوجود ٣٩ ). حتى في زمن محمد كانت بعض الشروط معلومة. قال تعالى﴿ وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا (٧٦-١٧) سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا (٧٧-١٧). وعيسى عليه السلام سينزل محاربا. وسيهلك الله في زمانه كل الملل إلا الإسلام.


   



 اقتناء الكتاب



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة