U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

تطبيق قواعد النسخ-03

   

تطبيق قواعد النسخ

(3/9)

٤- في موضوع النكاح

أ- الآية الأولى: قال تعالى﴿ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ﴾(٢٢١-٢) قيل الآية نسخت بقوله﴿ اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن ﴾(٥-٥)

تفسير: ليس بين الآيتين نسخ طبقا لقواعد النسخ. فالآية الأولى تكمل الثانية: يحرم على المسلم الزواج بمشركة. أما الذين أوتوا الكتاب فقد تفرقوا شيعا. منهم المؤمنون ومنهم الكافرون والمشركون. ولقد كفر الله أصنافا منهم لشركهم (أنظر فصل النصارى ٥٦ ب٧- ب٨ ) ولا يجوز لمسلم أن ينكح كافرة أو مشركة من أي شيعة كانت (أنظر فصل النكاح ٨٩-٧ ). ومن أهل الكتاب أمة مؤمنة بالله وحده. ولقد أثنى عليهم الله في أكثر من آية. وهم المقصودون. (أنظر كذلك الفقرة ١٨).

٤ب- الآية الثانية:  قال تعالى﴿ فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ﴾ (٢٤-٤) قيل هذه الآية تقصد زواج المتعة ( أي إلى أجل مسمى ) وأنه كان مشروعا في بداية الإسلام ثم نسخ بقوله﴿ والذين هم لفروجهم حافظون (٥-٢٣) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين (٦-٢٣) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ﴾(٧-٢٣) لكن حسب السياق الآية الأولى تتكلم عن الصداق المفروض في إطار الزواج الحلال. أي الذي وراء ما حرم الله في آية المحارم كما قال﴿ وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن ...﴾(٢٤-٤) أما قوله ﴿ ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ﴾(٢٤-٤) فهو كقوله﴿ فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ﴾(٤-٤). ولماذا سيذكر الله زواج المتعة وفقط هذا النوع من الزواج بعد أن ذكر المحارم من النساء وهو في هذه الآيات يضع الشروط والضوابط العامة للزواج بصفة عامة ؟ فالاستمتاع في الآية هو استمتاع الرجل بزوجته في إطار الزواج العادي المشروع وليس زواج المتعة كما قيل. أي الصداق هو الذي يفتح للرجل الاستمتاع بزوجته. والإسلام جاء ليحرم كل أنواع الزواج التي كانت في الجاهلية بما فيها زواج المتعة إلا الزواج الشرعي الذي أمر به الله. فالآية إذن ليست منسوخة. ولو كانت منسوخة لاستمتع الرجل بزوجته دون أن يدفع لها صداق.

أما تفسير " أو ما ملكت أيمانهم " فانظر فصل الرجل والمرأة ٨٨ - ١١

٥- في موضوع الرضاعة والطلاق

قال تعالى﴿ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ﴾(٢٣٣-٢) قيل هذه الآية نسخت بقوله﴿ فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما ﴾(٢٣٣-٢) ليس بين الآيتين نسخ. وإتمام الرضاعة من طرف الأم ليس فرضا وإنما باختيار الوالدين. ومن أراد أن يتمها فليفعل ومن أراد الفصال فله ذلك.

٦- في موضوع أموال اليتامى

قال تعالى﴿ إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا﴾(١٠-٤) قيل هذه الآية ناسخة وقيل منسوخة بقوله﴿ ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ﴾(٦-٤)

تفسير: الآية الأولى عامة تخاطب كل من له علاقة بمال اليتيم. وتبين أن أكله ظلما حرام. الآية الثانية فيها خطاب لولي اليتيم الذي سيكفله. فإن كان غنيا وجب عليه أن يستعفف. وإن كان فقيرا فقد أعطاه الله الحق بأن يأكل من مال اليتيم بالمعروف. وتلك فقط أجرته على رعاية شؤونه وتربيته. وليس في ذلك ظلم. بالتالي أخرجه الله بهذا الشرط من دائرة الحرام. ثم لو كانت الآية الأولى منسوخة فهذا قد يعني أن أكل أموال اليتامى ظلما جائز. ثم إن فيها خبرا والخبر لا ينسخ.

٧- في موضوع الإرث

٧أ- الآية الأولى: قال تعالى﴿ والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ﴾(٣٣-٤) قيل هذه الآية نسخت بقوله ﴿ وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ﴾  (٧٥-٨)

تفسير: منع الله المسلمين أن يتعاقدوا في مجال الإرث بعد نزول الآية﴿ وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض﴾(٧٥-٨) وكذلك قوله تعالى﴿ ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون ﴾(٣٣-٤). لكن الآية﴿ فآتوهم نصيبهم ﴾ ليست منسوخة بل تلزم المتعاقدين بأن يوفوا بعهدهم ويؤتوا الذين عاقدت أيمانهم نصيبهم من الوصية والذي لا يتعدى ثلث المال. أما معظم الميراث فهو لأولي الأرحام. ولولا هذه الآية أو لو كانت منسوخة لتخلف المسلمون عن الوفاء بعهدهم بنزول﴿ وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ﴾. وبعد هذا الوفاء لم يمنع الله المعروف بين المهاجرين والأنصار والمؤمنين بصفة عامة. قال تعالى﴿ وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا ﴾(٦-٣٣).

٧ب- الآية الثانية: قال تعالى﴿ والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا ﴾(٧٢-٨) قيل هذه الآية نسخت بقوله﴿ وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ﴾(٧٥-٨)

تفسير: ليس بين الآيتين نسخ. فالآية الأولى تمنع الولاية بين المؤمنين الموجودين في المدينة وبين الذين لم يهاجروا من مكة، لكنها لم تمنع نصرتهم في الدين بشروط (أنظر فصل المؤمنون في مرحلة الوحي ٦٧-٥ث٦ (٧٢-٨)). أما الولاية فلها معاني كثيرة ولا تعني الإرث على وجه الخصوص. أما في مجال الإرث فأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض. ولا يمنع ذلك المعروف أو الوصية للمهاجرين والتي لا يتعدى نصيبها الثلث.

٧ت- الآية الثالثة: قال تعالى﴿ وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا ﴾(٨-٤) قيل هذه الآية نسخت بآية المواريث.

تفسير: ليس هناك نسخ، بل أمر سبحانه بأن يتصدق الوارثون على أولي القربى واليتامى والمساكين في حالة ما إذا حضروا القسمة وأن لا ينهروهم. فهي صدقة تعطى لهم وليست إرثا. وأولوا القربى هنا الذين ليسوا من الورثة. ويوجد فرق بين أولي القربى والأقربين. فالأقربون من غير الوالدين هم خصوصا الزوجة أو الزوج والأولاد ( أنظر تفصيل ذلك في الفقرة ٨أ ).

٨- في موضوع الوصية

٨أ- الآية الأولى: الوصية للوالدين والأقربين: قال تعالى﴿ كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين ﴾ (١٨٠-٢) قيل هذه الآية نسخت بآية المواريث وبالسنة لقول الرسول :« لقد أعطى الله لكل ذي حق حقه لا وصية لوارث ». وبعض العلماء قالوا بوقوع النسخ على الوالدين فقط وليس على الأقربين لأن من الأقربين من لا يرث. ووقعت اختلافات كثيرة حول هذه الآية.

تفسير: نزلت هذه الآية بصيغة الإلزام بلفظ " كتب عليكم ". وهذا اللفظ دون تحديد زمني لا يُنسخ. فأمر الله المؤمنين بترك وصية عند احتضارهم لصالح الورثة الشرعيين. وهم المذكورون في آية المواريث: الوالدان والأقربون لقوله تعالى﴿ للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا﴾(٧-٤) وقوله أيضا﴿ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون﴾(٣٣-٤) وبما أنهم يورثون فهم يرثون.

أما أولوا القربى الذين ليسوا من الأقربين فلا يرثون مع وجود هؤلاء بل يرزقون من القسمة إذا حضروها﴿ وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا ﴾(٨-٤)(أنظر الفقرة ٧ت) وهم مقدمون على اليتامى والمساكين.

جاء في الرواية أن آية الوصية نزلت قبل آية المواريث فأمر الله المسلمين بأن يتركوا وصية للوالدين والأقربين بالمعروف أي بالعدل. فلما أنزل آية المواريث أصبح المعروف ما شرعه في الإرث وأوضح من هم الأقربون. لذلك هذه الآية لم تنسخ لأن معظمها ( أي المعروف والوالدان والأقربون ) أخذ معنى الحكم الجديد. ثم إن الوصية توضح مقدار الميراث الذي في بعض الأحيان لا يعلمه بدقة إلا صاحبه وأسماء كل الورثة الشرعيين خصوصا غير المعلومين لدى الكل لكيلا يختلط الأمر عليهم وعلى أصحاب العدل. والوصية أيضا تمنع أن يأخذ شخص ما من الميراث شيئا لا يعلم بوجوده الورثة الآخرون.

فليوصي الإنسان إذن بما شرع الله أمام شاهدين من ذوي العدل العالمين بأمور الإرث ( أنظر فصل الإرث ٩٢-١٨ت) وقد قال في ذلك « الإضرار في الوصية من الكبائر» «الجنف في الوصية من الكبائر».

الوصية ثلاثة أنواع:

الوصية الأولى للورثة الشرعيين: الوالدان والأقربون طبقا لما شرع الله في آية المواريث كما سبق ذكره. والثانية للأزواج متاعا إلى الحول غير إخراج ( أنظر الفقرة ٨ب ) والثالثة هي الوصية النابعة من إرادة المتوفى ولا يجوز أن يتعدى نصيبها الثلث والثلث كثير كما قال الرسول . وهذه الوصية الثالثة محرمة على الورثة الشرعيين وهي التي قال فيها رسول الله :« لا وصية لوارث »

٨ب- الآية الثانية:الوصية للأزواج < قال تعالى﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ﴾(٢٤٠-٢) قيل هذه الآية نسخت بقوله﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ﴾(٢٣٤-٢)

تفسير: ليس بين الآيتين نسخ طبقا لقواعد النسخ. فالموضوعان مختلفان. فالآية الأولى عن المتاع إلى الحول غير إخراج والثانية عن عدة المرأة. والأولى لا تجبر الزوجة على الخضوع للوصية أي السكن في بيت الزوج المتوفى. أما الثانية فتجبرها على التربص بنفسها فلا تتزوج أثناء العدة (أنظر فصل الأرامل ٩١ ).

< ويقولون أيضا أن الآية الأولى منسوخة بآية المواريث. أي ما دامت الزوجة ترث فلا داعي لإسكانها والنفقة عليها ولا وصية لوارث لكن هذه وصية خاصة من الله وليس من المتوفى عنها زوجها. والسكن المؤقت ثابت في الآية. أما النفقة فلا شك أنها تسقط بعد تقسيم الميراث والله أعلم. 

٨ت- الآية الثالثة في الشهادة: قال تعالى﴿ يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت﴾(١٠٦-٥) قيل قوله تعالى﴿ أو آخران من غيركم ﴾نسخ بقوله﴿ وأشهدوا ذوى عدل منكم ﴾(٢-٦٥) وهذا خطأ واضح. فالآية الأولى في موضوع الوصية حين الموت. والآية الثانية في موضوع الطلاق (أنظر فصل الطلاق ٩٠-٧خ٢ ). والآية الأولى لا تُجَوز شهادة غير المسلمين إلا في ظروف قاهرة وهي الاحتضار في السفر. أما بالنسبة للطلاق أو الزواج فلا يصح اتخاذ شاهدين إلا من بين المسلمين.


   





تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة