U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

محمد-013

   

٣٩- محمد

(13/26)

٣٦- النبي ﷺ والكافرون

٣٦أ- الكافرون تجاه محمد : أنظر أيضا فصل العرب ٥٩-١٣ث

٣٦أأ- يتعجبون من أن النبوة أعطيت لبشر: فقرة ٣٦أر- فصل اعتقادات الكافرين ٦٠-٢٤ب

بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ (٢-٥٠) وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ (٤-٣٨) وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ (٧-٢٥) أي يمشي في الأسواق لابتغاء الرزق. بل عجبوا: أي قريش. وعجبوا: أي كفار مكة.

فطلب الله منهم أن يسألوا أهل الكتاب في هذا الشأن : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا يُوحَى إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣-١٦) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ (٤٤-١٦)  فصل الرسل ١٠-٢٤. أهل الذكر: هم علماء أهل الكتاب وأهل العلم. بالبينات والزبر: أي وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر إلا رجالا. بالبينات: بالحجج الواضحة.

٣٦أب- لم يعترفوا به كنبي: أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (٦٩-٢٣)  وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (٤٣-١٣) ومن عنده علم الكتاب: أي من مؤمني أهل الكتاب. فهم يشهدون أيضا.

٣٦أت- ولن يؤمنوا به مهما فعل: وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمُ أَأَنذَرْتَهُمُ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠-٣٦) وسواء عليهم ...: أي يستوي عندهم إنذارك لهم وعدمه. فبما أننا طمسنا على قلوبهم لكفرهم فهم لا يسمعون سماع قبول. أأنذرتهم: أي أخوفتهم من عقاب الله.

٣٦أث- كانوا يسألونه دائما عن صدق رسالته: وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥٣-١٠) ويستنبئونك: يستخبرونك. أحق هو: أي عذاب الخلد. إي: كلمة تأكيد وإيجاب بمعنى نعم. بمعجزين: أي بفائتين بالهرب من حساب الله وعذابه.

٣٦أج- وكانوا يحتقرونه لأنه كان فقيرا ويتيما: وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١-٤٣)( القريتين: مكة والطائف. عظيم: أي عظيم القرية أو سيدها. ) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (٨-٣٨) الذكر: أي ذكر من الله يذكر به الناس ربهم. بل هم في شك من ذكري: أي مشكلتهم هي أنهم لا يخشعون لكلامي فيشكون به. بل لما يذوقوا عذاب: أي حينها سيؤمنون لكن دون جدوى.

٣٦أح- ويستهزئون به: وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَانِ هُمْ كَافِرُونَ (٣٦-٢١) وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (٤١-٢٥) إن يتخذونك إلا هزؤا: أي لا يتخذونك رسولا من عند الله. يذكر آلهتكم: أي يذكرها بسوء وأنها باطلة. بذكر الرحمان: أي القرآن. ويرفضون ذكر اسم الله وتوحيده.

لكن الله كان يخفف عنه: وَلَقَدُ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُون (١٠-٦) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١-٦) فحاق: فأحاط. ما كانوا به: أي عذاب الله. عاقبة: مصير.

٣٦أخ- ويكذبون دعوته:

كما كذبت الرسل الأخرى: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ (...) وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤-٦) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ (٤-٣٥) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (١٨٤-٣) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (٢٥-٣٥) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (٤٢-٢٢) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣-٢٢) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى (٤٤-٢٢) وبالزبر: أي الصحف المكتوبة. وبالكتاب المنير: وهو الكتاب الذي ينير الطريق إلى الله. وأعظم الكتب قبل القرآن: التوراة والإنجيل. وأصحاب مدين: هم قوم شعيب.

وكانوا يقولون: أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ (٨-٣٤)

وأوصاه تعالى بأن يرد عليهم في هذا الشأن: فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١٤٧-٦) فإن كذبوك: أي كل من كذبك من المشركين أو من اليهود أو غيرهم. ذو رحمة واسعة: بالتالي لا يعاقب في الحين بل يمهل لعل المذنب يقلع عن ذنبه. ولا يرد بأسه ...: لا يرد بأسه إذا أراد أن يهلك قوما بكفرهم. بأسه: عقابه وعذابه وبطشه. المجرمين: وهم الكفار والمشركون. فالكفر بالله جريمة في حقه وحق النفس.

وقال له في هذا الأمر: أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَا يُؤْمِنُونَ (٣٣-٥٢) قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيُحْزِنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣-٦) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٢٤-٤٢)

الذي يقولون: أي بأنك مجنون أو شاعر أو كاهن وغير ذلك من التكذيب. لا يكذبونك: لا يكذبونك لأنهم يعلمون صدقك لكنهم يجحدون بآيات الله ولا يريدون ما أتيت به كجعل الآلهة إلها واحدا. الظالمين: وهم المشركون. يختم على قلبك: أي يطبع عليه فيحبس عنك الوحي وتنساه لينقطع عنهم كلام الله وتفوتهم الفرصة للإيمان به. فكيف ينسبون كلامه الذي لا نظير له إلى رجل ؟ ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته: أي كيف ترونه كذبا وهو الحق المبين الذي أنزل بكلمات الله ليمحو به شرككم وأباطيلكم ؟ أو لو افترى الرسول كذبا على الله لمحاه وجعل الحق مكانه بكلماته. ويحق الله الحق بكلماته: أي يظهره ويجعله مهيمنا بكلامه وأوامره. بذات الصدور: ذات الصدور هي ما تحتويه القلوب. ويعلم الله الكاذب من الصادق.

أنظر أيضا آيات التحدي في فصل القرآن ٩-٣٩

ومن تقول على الله هلك: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤-٦٩) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥-٦٩) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦-٦٩) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧-٦٩)

ولو تقول علينا: أي لو نسب إلينا من القول ما ليس منا. لأخذنا منه باليمين: أي لنلنا منه بالقوة. لقطعنا منه الوتين: وهو نياط القلب إن قطع مات صاحبه. حاجزين: أي مانعين عنه الهلاك.

٣٦أد- كانوا يتهمونه أيضا بالجنون: وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦-١٥) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (١٤-٤٤)( أي أن الجن تلقي عليه القرآن ) أَمْ بِهِ جِنَّةٌ (٨-٣٤) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٠-٢٣) إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٤٧-١٧) انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٤٨-١٧)(٩-٢٥) وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١-٦٨) الذكر: الذي يذكرهم بربهم الواحد الأحد وهو القرآن. للحق كارهون: كارهون لأنه يخالف أهواءهم. الظالمون: المشركون. الأمثال: ومنها أنهم مثلوه هنا بالمسحور. وهو من ضمن أمثال أخرى: مجنون، كاهن، شاعر ... فضلوا: أي عن الهدى وعن حقيقة أمرك. فلا يستطيعون سبيلا: أي إلى الهدى وإلى إبعاد الناس عنك. فلم يعرفوا كيف يصفونك لإبعادهم عنك. أو أن ضلالهم أعمى بصيرتهم وجعلهم لا يستطيعون الاهتداء إلى الحق. وإن يكاد الذين كفروا ...: أي فاصبر لحكم ربك ( كما في السياق ) وعلى ما فرض عليك من التبليغ رغم أن الكافرين مستمرون على رغبتهم في أن يزلقوك بأبصارهم لما سمعوا القرآن. أي رؤيتك لأبصارهم وهي تتعجب ساخطة تكاد تجعلك تضعف وتزلق فلا تثبت على الحق. والزلق هنا عن الصراط المستقيم والدعوة إلى الله. وهذا كما في قوله تعالى: " وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (٧٤-١٧)" وأيضا قولهم " إنه لمجنون " يكاد يجعلك تزلق فتنحرف فجأة عن الثبات على الحق. لذلك أقسم الله في أول السورة بأنه ليس بمجنون. " وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (١-٦٨) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢-٦٨) ". والآيات الأولى منها تذكر النبي بأنه على الحق وأن عليه الثبات دون مساومة مع الكفار.

٣٦أذ- قالوا أيضا بأنه شاعر: وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦-٣٧) بَلْ هُوَ شَاعِرٌ (٥-٢١) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠-٥٢) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١-٥٢) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٣٢-٥٢)

لتاركوا آلهتنا: أي أنتركها لكي نتبع شاعرا مجنونا. نتربص به ريب المنون: أي ننتظر أن تأخذه حادثة من حوادث الدهر. والريب هو هنا الحادث المقلق. المنون: هو الموت أو الدهر. تربصوا: انتظروا. أحلامهم: عقولهم. بهذا: أي بالذي يقولون عنك. طاغون: أي معاندون رغم معرفتهم للحق.

٣٦أر- وساحر وأنه ليس إلا بشرا مثلهم: فقرة ٣٦أأ

وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٣-٢١) قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٤-٢١) قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (٢-١٠) وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤-٣٨) قَالُوا سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (٤٨-٢٨) وأسروا النجوى: أي تناجوا فيما بينهم خفية. الذين ظلموا: وهم المشركون. أفتأتون السحر وأنتم تبصرون: أي أتقدمون على اتباع القرآن وأنتم تعون أنه ليس إلا سحرا من قبل بشر مثلكم ؟ قال ربي: أي الرسول . أخبر الله عن رد رسوله عليهم. القول: ومن ذلك ما يسرون بعضهم لبعض عن النبي والقرآن. السميع العليم: صفتان لله تعالى في هذا المقام. فالله يعلم القول في السماء والأرض قبل أن يقال ومنذ الأزل. ويسمعه حين يقال. ساحران تظاهرا : أي تعاونا على نفس الأمر. فموسى تنبأ ببعثة محمد ومحمد صدق بما جاء به موسى عليه السلام.

٣٦أز- كذلك كُذبت الرسل الأخرى:

فقرة ٣٦أخ

فصل الرسل ١٠-٣٥

٣٦أس- يقول الله لهم في هذا الشأن: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ (١٨٤-٧) قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (٤٦-٣٤) أنظر أيضا الفقرة ٦-٧-٨. بواحدة: أي بشيء واحد تقومون به أو نصيحة واحدة. أن تقوموا لله مثنى وفرادى: أي تقوموا للبحث عن الحق في ما جئت به. ربما لأن أكثر من اثنين قد يؤثر سلبيا على التفكر والله أعلم. بصاحبكم: وهو النبي . والصحبة هنا بمعنى يصحبكم بمقامه معكم في بلدكم. جنة: جنون. نذير: مخوف من عذاب الله. بين يدي عذاب: أي قبله قريبا. فهو ينذر بوقوعه. والعذاب هنا عذاب الآخرة.

٣٦أش- أما هم فكانوا يقولون بخصوص دينهم وعبادتهم: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمُ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ (٤٣-٣٤) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٢-٢٥) صبرنا عليها: أي ألزمنا أنفسنا بالتمسك بعبادتها.

كما كانت الأمم السابقة تقول: فصل القرون القديمة ٥٣-٤

وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣-٤٣) قُلْ ( أي قل يا محمد وفي قراءة: " قَالَ "أي النذير الذي أرسل إلى القرية ) أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٢٤-٤٣)( أي بما أرسل به الرسل ) وكذلك: أي الأمر دائما كذلك. مترفوها: منعموها. على أمة: أي ملة تجمعهم. آثارهم: نهجهم.

٣٦أص- أما أقوالهم عن القرآن فهي:

١- أن النبي هو الذي افتراه: فصل القرآن ٩-٧ز٤-٤٢ض٤

٢- بعد دراسة : وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١٠٥-٦) وكذلك: أي كما ذكر في الآية السابقة. درست: أي تعلمت بدراسة الدين لا من الوحي. وليقولوا درست: درست لأن علم التصريف يقتضي علما ودراسة. ولنبينه ...: فبتصريف الآيات تتضح المعاني.

٣- وأن قوما أعانوه على ذلك: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (٤-٢٥) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥-٢٥) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣-١٦)( وهذا دليل على أن في لغة القرآن وحدها وأساليبه معجزة، ناهيك عن المضمون ) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣-٤٤) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (١٤-٤٤) قال الكفار أنه ساعده على ذلك قوم من أهل الكتاب وقيل" جبر الرومي" وقيل أيضا أن الجن تعلمه. قوم آخرون: قوم من أهل الكتاب. ظلما وزورا: أي يقولون زورا أي كذبا باطلا وهم يعلمون. وظلما لأن افتراء الكذب على الغير يعد ظلما. فقد جاءوا ظلما وزرا: أي جاؤوا بظلم وزور. اكتتبها: استنسخها. تملى: تقرأ. بكرة وأصيلا: البكرة هي أول النهار والأصيل هو العشي آخر النهار ما بعد العصر. والمعنى هو أنها تملى عليه دائما دون انقطاع. يلحدون: يميلون أو ينسبون. أعجمي: أي غير عربي. عربي مبين: أي في كامل التوافق مع قواعد اللغة العربية. أنى لهم الذكرى: أي من أين لهم أن يذكروا إذ أعرضوا عن رسول مبين ورموه بالجنون ؟

٤- ورد عليهم الله في ذلك : فصل القرآن ٩-٣٩ذ

٥- أنظر تفاصيل أخرى: فصل القرآن ٩-٣٩-٤٢-٧ر

٣٦أض- كانوا يطالبون النبي بالمعجزات:

١- وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (٧-١٣).وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ (١٣٣-٢٠) وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ (٣٧-٦) وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠-٢٩) وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٢٠-١٠) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (٢٧-١٣) آية: وهي هنا معجزة حسية. الآيات عند الله: أي هو من يأتي بها. الآيات: هي هنا المعجزات من غير القرآن. نذير مبين: أي مخوف من عذاب الله بالدلائل. إنما الغيب لله: أي ما سيأتيني ويأتيكم من علم الغيب لا يعلمه إلا الله. فانتظروا حكمه. قل إن الله يضل ...: أي ليس عدم تحقيق المعجزة التي تطلبون هو الذي منعكم عن الإيمان. فالله هو من يهدي من رجع إليه ويضل من تولى عنه.

٢- كالمعجزات التي أتت بها الرسل: فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥-٢١) أي الرسل الأولى.

كموسى مثلا: أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ (١٠٨-٢) فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (٤٨-٢٨)

مثل ما أوتي موسى: أي الألواح التي فيها التوراة جملة واحدة والمعجزات الحسية كالعصا واليد ...الخ. أولم يكفروا: أي كفار قريش. من قبل: أي من قبل طلبهم هذا. وكفرهم من قبل هو أن قالوا: ساحران تظاهرا ...الخ. بما أوتي موسى: أي التوراة ومعجزاته. ساحران تظاهرا: أي تعاونا على نفس الأمر. فموسى تنبأ ببعثة محمد ومحمد صدق بما جاء به موسى عليه السلام. وبما أنهم لا يصدقون بما أتى به موسى فكيف يطالبون محمدا بأن يأتي بنفس المعجزات ليؤمنوا ؟

وأقسموا بالله بأن يؤمنوا إن جاءتهم آية: فصل اعتقادات الكافرين ٦٠-٢٠ (١٠٩-٦)

٣- ولم يعتبروا القرآن معجزة: أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٣٣-٢٠)( وفي ذلك معجزة ) أَوَلَمْ يَكْفِهِمُ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمُ (٥١-٢٩) أو لو تأتهم بينة: أي لقد أتتهم البينة التي أخبرت عنها الكتب الأولى. وهي محمد . أو إن هذا القرآن يخبر عما في الصحف الأولى. وتلك معجزة. أو لم يكفهم ....: ذلك لأنهم لم يعتبروا القرآن معجزة مع أن إعجازه واضح. فهو كاف لأن يؤمن به الإنسان. يتلى عليهم: والمضارع يبين أنه كان يتلى عليهم تدريجيا حسب الأحداث. وفي هذا التدرج وحده آية. فكان لا يعجزه أي حدث ليعالجه بلسان عربي مبين وبلاغة لا يرتقي إليها أحد من البشر.

٤- لقد طالبوه بمعجزات شتى: لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧-٢٥) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا (٨-٢٥) وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ (٨-٦) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧-١٥) مَا تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (٨-١٥) وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تُفَجِّرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠-١٧) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١-١٧) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢-١٧) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُه (٩٣-١٧) بالحق: والحق الذي ستنزل به الملائكة ويراه الكفار هو العذاب فقط. وما كانوا إذا منظرين: أي في حالة تنزيل الملائكة بالعقاب. منظرين: ممهلين. تفجر لنا: أي بطلب منا نراك تفجر ... ينبوعا: أي عينا ينبع منها الماء. أو تكون لك جنة ...: أي لن نؤمن لك حتى تكون لك جنة ... أي تصبح مالكا لجنة بمعجزة. ثم لن نؤمن لك إلا إذا فجرت خلالها الأنهار أمام أعيننا. والملائكة قبيلا: أي مقابلة وعيانا لكي نراهم. زخرف: ذهب. أي تصبح مالكا لبيت من ذهب بمعجزة. تنزل علينا كتابا: أي نراه ينزل معك من السماء بعد رقيك. وكل ذلك تهكم منهم واستهزاء.

٥- قال تعالى له  في هذا الشأن: فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢-١١) فقرة ٢١ق  - فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك ...: أي لعلك لا تريد أن تتلو عليهم بعضا من الوحي مخافة أن يطلبوا منك ما يشترطون من معجزات. وكيل: هو الموكول إليه أمور عباده كلها فلا يضيق صدرك بما يقولون.

تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (١٠-٢٥) قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (٩٣-١٧) خيرا من ذلك: أي مما يشترطه الكفار ليؤمنوا بك. أي أن يلقى إليه كنز ... وتشير الآية إلى أن كل ما يرزق به العباد فهو بمشيئة الله لا استجابة لطلب من الكفار. سبحان ربي: أي تنزه ربي فهو غني عنكم والفاعل لما يشاء وقتما يشاء وليس استجابة لطلبكم. ذلك لأنهم شرطوا عليه أن يأتيهم بمعجزات محددة لكي يؤمنوا.

٦- ولو أنزل الله ملكا لقضي الأمر: وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ (٨-٦) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (٩-٦) لقضي الأمر: أي بإهلاكهم. ذلك لأن الإيمان بالله يكون بالغيب لا برؤية الملائكة. لا ينظرون: لا يؤخرون ولا يمهلون. ولو جعلناه ملكا: أي لو جعلنا رسولنا إليكم ملكا. لجعلناه رجلا: أي في صورة رجل. فالرسول يجب أن يكون من جنس قومه ولو ظاهريا لأن الإيمان بالغيب يقتضي ذلك. وللبسنا عليهم ما يلبسون: أي لخلطنا وأشكلنا عليهم يومئذ ما يخلطون على أنفسهم اليوم. أي سيقولون أيضا: ما هذا إلا بشر مثلكم.

٧- وحتى لو أنزل معجزات لظلوا على كفرهم: وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمُ إِلَّا مُبْطِلُونَ (٥٨-٣٠) وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧-٦) بآية: معجزة أو آية من آيات القرآن. إن أنتم: أي أنت وأمثالك من " الرسل ". مبطلون: أي تأتون بالباطل ومعجزاتكم باطلة ليست من عند الله. قرطاس: صحيفة. أي لو نزل القرآن من السماء مكتوبا في صحيفة بدل وحيه إليك ....

٨- قال تعالى للنبي بشأن المعجزات: وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٥-٦) أي لو استطعت أن تأتي بآية من الأرض أو من السماء لفعلت رجاء إيمانهم لكن الهداية من عند الله. كبر عليك: شق وعظم عليك. تبتغي: تطلب. نفقا: سربا في الأرض تنفذ منه إلى مكان آخر. سلما: مصعدا. بآية: أي معجزة.

وقيل أن القمر انشق في زمانه أمام أعينهم:

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١-٥٤) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢-٥٤) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣-٥٤) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤-٥٤) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (٥-٥٤)

اقتربت الساعة: حسب هذه الآية دل انشقاق القمر في زمن الرسول على حلول اقتراب الساعة. ساعة فناء الناس والكون. والاقتراب يعني أن ما بقي من الزمن أقل مما مضى كما جاء في آية أخرى: "اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١-٢١)". أنظر أيضا في كتاب قصة الوجود تفسيرا آخر عن الاقتراب بأنه يعني على الأقل أن نصف مدة قد مضت وهي هنا مدة عمر البشرية من بدايتها إلى نهايتها. أما الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد عن مجاهد عن ابن عمر قال: كنا جلوسا عند النبي والشمس على قعيقعان بعد العصر فقال « ما أعماركم في أعمار من مضى إلا كما بقي من النهار في ما مضى » فيعني فقط أن بني آدم هم آخر الناس خلقا في الحلقة اﻷرضية ( أنظر التفاصيل في كتاب قصة الوجود ).

وانشق القمر: قيل انشق فرقتين في زمان النبي أمام أعين كفار مكة وهم بمنى لما طلبوا منه أن يريهم آية. آية: معجزة كانشقاق القمر. سحر مستمر: فبالنسبة لهم القرآن سحر وانشقاق القمر سحر. وهكذا يستمر سحر محمد حسب قولهم. وكذبوا: أي كذبوا النبي . وكل أمر مستقر: أي له نهاية يستقر عليها. وأمر الساعة سيستقر يوم حدوثها بكل تفاصيلها. وأمر هؤلاء المكذبين سيستقر يوم تعذيبهم. الأنباء: هي الأخبار ومنها أخبار الأمم الماضية وأخبار ما وعدوا به. ما فيه مزدجر: أي ما يزجرهم وينهيهم عن الكفر والشرك. حكمة بالغة: أي ما فيه مزدجر ( يعني الأنباء التي جاءتهم ) حكمة بالغة واصلة من الله إلى الناس. أو الأمر المستقر حكمة بالغة يأتي في آنه لا يرده أي شيء. فما تغن النذر: أي فكيف تنفع الإنذارات إن يروا آية فيقولوا سحر مستمر ؟

انشقاق القمر من علامات اقتراب الساعة كما أن بعثة النبي من علاماتها أيضا. وعودنا القرآن الكريم على أن معجزاته لم تكن كمعجزات الرسل الأخرى. قال تعالى في هذا الصدد ﴿ وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ﴾(٥٩-١٧)( أنظر أيضا الفقرة ٣٦أض ) بالآيات: بالمعجزات. فالرسل قبل محمد أيدهم الله بمعجزات محددة يبرزونها لقومهم وقتما دعت الضرورة. وكانوا عادة لا يستطيعون الإتيان بغيرها ربما باستثناء المائدة التي نزلت من السماء نزولا عند طلب عيسى عليه السلام استجابة للحواريين. أما بعده فقال الله أنه لن يرسل بالمعجزات الحسية تأكيدا لرسالة خاتم أنبيائه كما كان يؤيد رسله السابقين بها لأن كان من كفر بها نزل عليه العقاب بل رسالته يؤيدها القرآن الكريم. أما معجزاته الأخرى كانشقاق القمر وغيره مما ذكر في سيرته عليه السلام فلم تكن للتخويف والتهديد. لذلك لم يعاقب الله كفار قريش من السماء على كفرهم بآية الانشقاق على الخصوص.

٣٦أط- وكانوا يستعجلون بالعذاب :

فصل العرب ٥٩-١٤

فقرة ٣٦ب ب

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٣-٢٩) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (٥٤-٢٩) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (٦-١٣) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧-٢٢) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (٧١-٢٧) قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢-٢٧) مسمى: مسمى في اللوح المحفوظ. وليأتينهم بغتة: وهذا وعد من الله لهم بتنزيل عذابه بغتة في الدنيا أو في الآخرة. وإن جهنم لمحيطة بالكافرين: أي محيطة بهم يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ... كما جاء في الآية التالية. بالسيئة: أي بالعذاب. قبل الحسنة: أي بدل الرحمة الإلهية. المثلات: العقوبات وهي عبر يعتبر بها. على ظلمهم: أي على شركهم واستعجال عذاب الله تهكما ! أنظر فصل تطبيق قواعد النسخ ٢٣. وإن ربك لشديد العقاب: وقد خلت المثلات في هذا الصدد. ولن يخلف الله وعده: أي هذا العذاب الذي وعدناهم ويستعجلونه سيأتي في آنه لأن الله لا يخلف وعده. وإن يوما: يستعمل القرآن " يوم " بمعنى مدة من الزمن. يوما عند ربك: أي اليوم بالنسبة للذين عنده. أما هو سبحانه فهو نور دائم. فاليوم في جنة الخلد ألف سنة من أطول سنواتنا، ثابت لا يتغير ليس فيها ليل إلا ضوء ونور. أما في خارج هذه الجنة الآن فاليوم ألف سنة كسنواتنا الحالية بليل ونهار يزداد طوله ليصل إلى طول اليوم في جنة الخلد يوم الفناء. أنظر تفاصيل ذلك في كتاب قصة الوجود. ويستعجل الكفار العذاب لأنهم لا يعلمون أن أيامهم في حياتهم الدنيا قصيرة جدا مقارنة مع الأيام عند الله. لذلك يبدو لهم أن العذاب بعيد لن يأتي. هذا الوعد: أي الوعد بالبعث كما جاء في الآيات السابقة. بعض الذي تستعجلون: ومنه هزيمتهم يوم بدر. وبموتهم يبدأ عذاب آخر من وعد الله لهم.

وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٨-١٠) قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٤٩-١٠) هذا الوعد: وهو يوم الحساب المرموز إليه في الآية السابقة. إن كنتم صادقين: الخطاب بالجمع من الكفار للنبي وللرسل الذين جاء ذكرهم في الآية السابقة " ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم ". لكل أمة أجل ...: هذا من الجواب عن سؤالهم. أجل: أجل هلاكها أو تعذيبها. والأمة هنا الجماعة والقوم. أجلهم: أي أجل أفراد الأمة أو أجل الأمة بكاملها.

٣٦أظ- كان الكفار يحومون حوله: فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦-٧٠) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (٣٧-٧٠) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمُ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨-٧٠) كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (٣٩-٧٠) فمال الذين كفروا ...: أي بعد ذكر صفات المؤمنين التي تؤهلهم لدخول الجنة لماذا هؤلاء الكافرون الذين ليس فيهم تلك الصفات يحومون حولك ؟ قبلك: نحوك. مهطعين: مسرعين مادين أعناقهم. عن اليمين: أي عن يمين النبي . عزين: جماعات، متفرقين. أي مال الذين كفروا يسرعون حواليك للاستماع وهم معرضون ؟ أيطمع كل امرئ ...: هذا تساؤل على وجه الاحتمال والتهكم. أي هل يسرعون إلى الاستماع لأنهم يطمعون في دخول الجنة مع أنهم كافرون ؟ كلا: ردع. لن يدخل جنة نعيم أي كافر. إنا خلقناهم مما يعلمون: أي من نطفة من ماء مهين. هذا تذكير بشأن خلقهم وعلمهم بقدرة الله في الخلق. فكيف يكفرون ببعثهم من طرف خالقهم هذا دون دليل ودون خوف ؟ فسبحانه كما جاء في الآية التالية قادر على أن يستبدلهم بخير منهم في الإيمان والطاعة فيخسرون هم الدنيا والآخرة.

٣٦أع- يستمعون وينظرون: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (٤٢-١٠) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ (٤٣-١٠) ومنهم من يستمعون إليك: أي إلى القرآن. لكن قلوبهم صماء عمياء لا ترى الحق ولا تفهمه. أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون: أي أفأنت الذي ستسمعهم سماع قبول ؟ بل ليسمعوا فعلا عليهم أن يعقلوا ما يسمعون. أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون: أي أفأنت الذي ستهدي بصيرتهم ؟ بل ليهتدوا عليهم أن يميزوا ببصيرتهم الحق من الباطل.

لكن لا يسمعون كما يجب ولا يبصرون بقلوبهم: أنظر فصل طبيعة الكافرين ٦٢- ١٤ج١

كانت نواياهم سيئة: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٤٧-١٧) بما يستمعون به: أي بالوقر الذي جعله الله في آذانهم والذي ذكر في الآية قبل هذه. وإذ هم نجوى: أي في تناجيهم وتحدثهم سرا. الظالمون: وهم هنا المشركون.

٣٦أغ- ومنهم من كان يؤذي النبي : وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذْنٌ قُلْ أُذْنُ خَيْرٍ لَكُمْ (...) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦١-٩) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (٥٧-٣٣) هو أذن: أي يسمع كل ما يقول المؤمنون ويصدقه. أذن خير لكم: أي غايته من ذلك الخير لكم وليس الشر.

٣٦أف- وآخرون كانوا يمكرون لقتله : وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٣٠-٨) ليثبتوك: أي ليحبسوك ويوثقوك.

٣٦أق- وأجبروه على الرحيل: فقرة ٤٣ج

وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمُ (١٣-٤٧) يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمُ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ (١-٦٠) قريتك التي أخرجتك: أي أهل مكة الذين جعلوك تخرج منها. فخرج مضطرا وخفية لأنهم أرادوا قتله وهاجر إلى المدينة. أهلكناهم: أمتناهم بالعقاب. يخرجون الرسول وإياكم: أي من مكة. أن تؤمنوا بالله: أي لأجل أن آمنتم بالله.


   





تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة